شذرات من ركن الداكرة…بقلم محمد أوزي
يسير المحكي الشعبي باعتباره احد المواضيع التي اهتم بها الادب الشعبي في اتجاه الانزواء والخفوت من جراء الانفجار المعلوماتي الذي أتي على الاخضر واليابس ليلتهم كل الذخائر الذدبية الشعبية الهامشية ويذيب الهويات الأصلية ويعيد تشكيل أخرى جديدة ديدنها ابتلاع المعلبات الصناعية وتشكيل مجتمع الاستهلاك .
لذلك ارتأينا في هده الخطاطة العودة الى المرحوم الحاج ابراهيم بازي الانسان الحكيم الذي أصبح مرتبطا بالذاكرة الشعبية و المتسم بالقول البليغ وملكة الحفظ وسرعة البديهة وسبك القول المفعم بالسخرية الرقيقة وملاءمته مع الحدث مستمدا تيمات مقوله من عصارة تجاربه وفلسفته في الحياة . واعتبارا لكون المحكي الشعبي قد عالج وانتقد بالكثير من السخرية والقول البليغ علاقة الانسان بالسلطة بكل تمظهراتها واشكال حضور مفعولها الاستراتيجي .فإن الحاج ابراهيم بازي تعرض لهذه العلاقة من خلال وعينته بتكتيكات هيمنتها. فقبيل اقدام الدولة على صياغة ترتيبات جديدة لتفويت اراضي الجماعات السلالية للمستثمرين التي وصلت اوجها خلال تسعينيات القرن الماضي بسوس العالية . عملت الدولة على غرس مايسمى بالفصة البورية باراضي شاسعة تحت مسمى محاربة التصحر. حينها ادرك الحاج مبكرا ان المغزى من ذلك ليس هو المفصح عنه وانما بتعبيره البليغ ” fssayt ard nawi lbur ad” اي “اسكتو حتى نستولي على هدا البور ” وهو الامر الدي تحقق بداية الالفية الثانية .لقد كان الجميع يتدكر هده المقولة الصارخة التي تعبر عن واقعة حية وصارخة اودت بالمجال الغابوي واردته ضيعات فلاحية كثيرة من اشجار الليمون الغريبة عن المجال والانسان تستغلها اشهر العائلات الاقطاعية لا علاقة لها بالمجال.
وحيث ان التكنولوجيا فعلت فعلها في الزمن وخلخلت الكثير من المسلمات فلا بأس ان نورد مقولة للحاج ابراهيم بازي وهو في اواخر عمره. وهو يتجول في ارجاء بيته ، وفجأة تعثر بسبب خيط كهربائي يربط آلة التصبين التي اندهش لوجودها ببيته، متسائلا عن سبب مرور هدا الخيط وسط البيت .فأجابته حفيدته، بأنه خيط كهربائي يربط آلة التصبين بمأخد التيار. ومن شدة اندهاشه بهدا الغريب. اجاب مستغربا وبسخرية بالغة : اااه فهمت الان ما يزال ابراهيم هو من يصبن ” كناية على أن النساء قد تخلو ايضا عن هده الوظيفة وهو من عليه تأدية فاتورة الكهرباء .
للحاج ابراهيم اقوال مأثورة كثيرة ومتشعبة تركها بين الناس وجمهوره من الذين ألفوا السفر معه عبر سيارة الاجرة التي يمتلكها ،وقضى بها عمره كله فقط ليستمتعوا بمقولاته الحكمية واحاديثه البليغة والساخرة.
